قام باحثون من جامعة هافارد وجامعة بريتيش كولومبيا وجامعة فرايبرغ، باستخدام تقنية مطورة وجديدة ترصد فيها حركة العين لاختبار هذا الاعتقاد، من خلال تجربتين. في الأولى تمت مراقبة نظرات المشاركين عند مشاهدتهم لأحد المتحدثين عبر تسجيل فيديو، ثم سئلوا عن مدى اقتناعهم بما سمعوه في التسجيل. وقد وجد الباحثون بأنه كلما نظر المشاركون لوقت أطول في عيون المتحدث، كانت نسبة اقتناعهم بحجته أقل. ويستنتج من ذلك أن المتحدث الذي يدلي برأي معاكس لرأي المستمعين، فإن النظر في عينيه يعطي نتيجة معاكسة تماما للتأثير المطلوب، وهو الإقناع.
أما في التجربة الثانية، فقد قسم فيها المشاركون إلى مجموعتين، وطلب من المجموعة الأولى النظر إلى عيني المتحدث، وطلب من الثانية مراقبة فمه أثناء الكلام. ومجددا، فإن المجموعة الأولى كانت أقل تقبلا لآراء المتحدث، كما أنهم كانوا أقل ميلا إلى التفاعل مع مناصري حجته. وذلك يقودنا إلى استنتاج آخر معاكس للاعتقاد السائد: إن كان المستمعون يشكون في آرائك أساسا، فإن النظر مباشرة في عيونهم سيعزز شعورهم بالشك، كما سيدفعهم إلى التفاعل بشكل أقل مع غيرك ممن يعبرون عن أفكارك نفسها.
وترى جوليا مينسون، باحثة مشاركة ورئيسة لهذه الدراسات من جامعة هارفارد، أن النتائج تسلط الضوء على حقيقة أن التواصل البصري المباشر، قد يشير إلى أنواع مختلفة جدا من الرسائل اعتمادا على طبيعة الموقف. فبينما يكون التواصل البصري دلالة على الصلة أو الثقة في المواقف الودية، إلا أنه غالبا ما يتم ربطه مع السيطرة أو الترهيب في حالات الخصومة.
وتنصح جوليا كلا من الأهل والسياسيين قائلة: “قد يكون من المفيد التذكر دائما، بأن التواصل البصري المستمر قد يعطي نتائج عكسية، لا سيما إن كنت تحاول إقناع شخص يتبنى معتقدات تختلف عن تلك التي تتبناها أنت”.
وسيقوم الفريق في المرحلة الثانية من هذه الدراسة، بالبحث في مدى ارتباط التواصل البصري في مواقف معينة، بأنماط من النشاط الدماغي المقترن بالتجاوب مع التهديد، وزيادة هرمونات التوتر ومعدل ضربات القلب.
كما أن هناك نتيجة مشابهة وجدت في عالم الحيوان، وهي بأن النظر المباشر في عيني حيوان عدائي لا يعد أمرا جيدا. حيث أن هذا التصرف يأخذ على أساس التهديد والهجوم. وهذا أمر يعرفه كل من يتعامل مع الحيوانات من الكلاب إلى الغوريلا.